زواج القاصرات.. قتل الطفولة بسكين الجهل والعادات الاجتماعية
زواج القاصرات.. قتل الطفولة بسكين الجهل والعادات الاجتماعيةزواج القاصرات.. قتل الطفولة بسكين الجهل والعادات الاجتماعية

زواج القاصرات.. قتل الطفولة بسكين الجهل والعادات الاجتماعية

تستيقظ  الطفلة "نانسي" من نومها، وربما يدور برأسها ما يشغل بال الأطفال في هذا السن من اللعب والخروج للمتنزهات والحدائق، إلا أن أهلها وذويها يدور برأسهم ترتيبات أخرى للعرس الذي سيُقام ليلاً، فنجلتهم الطفلة أصبحت عروسًا وسيتم زفافها على الطفل "فارس"!

ما سبق يُلخص مشهداً يحدث باستمرار في قرى مصر من زواج للقاصرات، حيث شهدت قرية المعصرة بمحافظة الدقهلية منذ أيام قليلة، زفاف أصغر عروسين بالعالم، فارس السعيد عبد العزيز الذي يبلغ من العمر ١٢ عاماً، وعروسه نانسي التي لم تتعد ١٠ أعوام، وذلك بحفل زفاف حضره نحو  5 آلاف من أهالي القرية.

الحفل أسفر عن إدانات واستنكارات من جهات حقوقية، معتبرين زواج القاصرات "عدواناً" على الطفولة، وجريمة بحق الإنسانية،  داعين الجهات الحكومية بالتحرك الفوري لمنعه.

وفي هذا السياق، أدان مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية تلك الزيجات وحفلات الخطوبة التي أصبحت تتم بشكل متكرر بعدة قرى مصرية، مؤكدًا أن هذا الزواج يؤدي إلى الحرمان من التعليم وهو مخالف لقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والاتفاقيات الدولية.

وقال المركز في بيان، إن زواج القاصرات يمثل حرمان الأنثى من الفرص المتساوية في التعليم والتطور والنمو، كما هو محدد في اتفاقية حقوق الطفل، كما يعني الانعزال عن الحياة العامة والمشاركة المجتمعية، وبالتالي فإن الزواج المبكر مؤشر على مدى الفجوة في التمكين ما بين الرجال والنساء.

من جانبه، أشار رضا الدنبوقي، المحامي والمدير التنفيذي للمركز، إلى أن الفتاة التي تتزوج قبل الـ 18 عاماً هي طفلة، لم تعط فرصة كافية لتنضج من الناحية العاطفية والاجتماعية والجسدية والعقلية، ولم يتح لها المجال لتطوير مهاراتها، وتنمية إمكاناتها المعرفية واكتشاف ذاتها ومعرفة مدى قدرتها على تحمل المسؤوليات العامة والأسرية، وتصبح أسيرة وضع لم تتنبأ به وتصبح مشاركتها في المجال العام شبه مستحيلة.

وشدد الدنبوقي في تصريح خاص لـ إرم نيوز، على ضرورة محاكمة أهالي الأطفال لتعريض حياة أبنائهم للخطر؛ مطالبا بأهمية سن وتشريع قانون للعنف الأسري.

وبالرغم من أن القانون المصرى، وضع مواد تنص على حماية الطفل، إلا أنه لا يوجد نص دستورى صريح، يشترط حماية المرأة من الزواج المبكر بشكل مباشر، حيث اقتصر فقط على التأكيد بأن الدولة تلتزم برعاية الأطفال وحمايتهم من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري.

واستحدث مواد بقانون الطفل وقانون العقوبات تجرم تزويج الفتيات الصغيرات (أقل من 18 عاماً) بطريقة عرفية، وتعديل قانون الأحوال المدنية رقم 14 لسنة 1994، حيث نص على أنه "لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثمانية عشرة سنة ميلادية كاملة، ويعاقب تأديبيًا كل من وثَّق زواجًا بالمخالفة لأحكام هذه المادة"، نظرًا لأن العقاب التأديبي غير كافٍ للتصدي للظاهرة، وشدد على ضرورة استحداث عقوبات قانونية تُطال الأب، في حال قيامه بتزويج ابنته فى سن أقل من 18 عاماً.

زواج الأطفال جريمة بحق الإنسانية

لم تكن تلك هي الواقعة الأولي أو الأخيرة، فعقب ساعات من هذا الحفل شهدت قرية أخرى خطبة طفلة على شاب، حيث يبلغ عمر العريس "محمود. م" 19 عاماً، ويعمل سائق توكتوك، بينما تبلغ العروس "إحسان. ع" 14 عاماً في مراحل التعليم.

وعام  2015، أثار فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي انتقادات واسعة عقب ظهور طفلة مصرية (11 عاماً)، مع زوجها الشاب العشريني، وبنفس العام أثارت خطوبة الطفلة نبيلة التي تبلغ من العمر 8 أعوام على نجل عمها والبالغ من العمر 9 أعوام، غضب رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بعدما وضعت مديرة إحدى "الكوافيرات" صوراً للعروسة الطفلة بعد أن كانت بوضع "الميك أب" لها وتلبيسها فستان الخطوبة استعداداً لحفل خطوبتها.

أسر عدة تعمل على ارتداء بناتهن الأطفال فساتين بلون آخر غير اللون الأبيض؛ خوفًا من الملاحقة القانونية ليعلنوا بذلك أن الحفل المقام للأطفال مجرد حفل خطوبة إلا أنه في الواقع يكون حفلاً للزواج.

النائبة أنيسة حسونة، عضو مجلس النواب قالت إنها تقدمت ببيان عاجل لمجلس النواب حول زواج الطفلين بالدقهلية وزواج القاصرات، وقالت "نطالب بأن يكون لوزارة الداخلية والأوقاف دور عملي لمنع زواج القاصرات".

وأضافت حسونة في تصريح خاص لـ إرم نيوز، أن توعية الأهالي بالأرياف والأقاليم بخطورة زواج القاصرات دور أجهزة الدولة، مؤكدة أنه في حال إنجاب طفل لا تستخرج شهادة ميلاد له حتى تبلغ أمه السن القانوني، وهو ما يحرمه من التعليم والخدمات الصحية، لافتة إلى أن ذلك ليس فقط جريمة بحق القانون، فهو جريمة بحق الإنسانية قضت على مستقبل كثيرات، وهناك أخريات سيكن من ضحايا لو لم يتم تطبيق العقوبات على كل من يشارك بهذه الجريمة.

وتقدم المجلس القومي للأمومة والطفولة ببلاغ للنائب العام، لاتخاذ الإجراءات اللازمة وفتح التحقيقات في الواقعة، وذلك انطلاقاً من أنه لا يجوز إتمام عقود الزواج لأقل من 18 عاماً، بموجب قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008 ، وقانون الأحوال المدنية (المادة 31 مكرر).

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com