في ذكرى ميلاده.. هكذا عاش الابن الذي تمرد على حلم أبيه المؤذن (صور)

هناك اختلاف كبير حول العام الذي ولد فيه موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، فهناك من يقول إنه ولد عام 1901، بينما يؤكد آخرون أنه من مواليد 1908، فيما يرجح رأي ثالث أنه العام 1910.

وإن كان هناك اختلاف على سنة الميلاد، اتفق الجميع على أن عبدالوهاب ولد يوم 13 آذار/ مارس، وبمناسبة ذكرى ميلاده نحاول أن نقرأ جزءًا من ملامح حياته، فقد ظل الرجل حتى آخر يوم في عمره متوهجًا وقادرًا على جذب الأنظار ولفت الانتباه.

ولد عبدالوهاب في منطقة "باب الشعرية" لأب يعمل مؤذنًا، وكان يتمنى أن يتبع نجله نفس الطريق، لكن الابن تمرد على حلم والده وقرر أن يكون مطربًا.

تعلق بالطرب والغناء وراح يردد أغاني الكبار في ذلك الوقت، أمثال سلامة حجازي، وصالح عبدالحي، وكان يذهب إلى الأفراح وما يعرف محليًا بـ"المولد" من أجل الاستماع لهم.

صراع مع الأسرة

رفضت أسرته في بداية الأمر احترافه الغناء، لكنه لم يستسلم، وهرب من القاهرة إلى دمهنور حتى يغني مع فرقة سيرك ،فاقتنعت عائلته بأن لا سبيل أمامها إلا أن تسمح له بالغناء.

إشادة أمير الشعراء

أعجب به أمير الشعراء أحمد شوقي، واعترض على أن يغني وهو في سن صغير، لكنه منحه قدرًا كبيرًا من اهتمامه ورعايته، وقد غنى له عبدالوهاب بعد ذلك مجموعة كبيرة من أشعاره.

كان شعر أحمد شوقي صعبًا لكن عبدالوهاب استطاع أن يجعله سهلًا على كل الناس من خلال صوته العذب وألحانه السهلة.

حياته الأسرية

تزوج عبدالوهاب 3 مرات، الأولى من سيدة ثرية وهي منتجة فيلمه الأول الوردة البيضاء، والثانية كانت من إقبال وأنجب منها خمسة أبناء، والثالثة كانت من نهلة القدسي التي وصفها بالحب الحقيقي في حياته.

عبدالوهاب في السينما

نجح الفنان الراحل كمطرب له صوت مختلف وتألق كملحن، وقدم لكبار النجوم أغاني قوية، فقد لحن لفيروز وأم كلثوم وعبدالحليم حافظ وشادية وأسمهان وليلى مراد وطلال مداح ووديع الصافي، واستطاع من خلال شاشة السينما أن يكتب لنفسه حيث قدم سبعة أفلام هي: "الوردة البيضاء، ودموع الحب، ويحيا الحب، ويوم سعيد، وممنوع الحب، ولست ملاكًا، وغزل البنات".

صراع عبدالوهاب وأم كلثوم

كانت العلاقة بين أم كلثوم وعبدالوهاب ملتهبة دائمًا حتى وصفها النقاد بالعداء الذي لا يهدأ إلا ليشتعل من جديد وقد حاول محمد طلعت حرب أن يجمع بينهما في فيلم سينمائي، لكن المشروع فشل بسبب عناد كل منهما والاختلاف حول ألحان الفيلم.

وشن عبدالوهاب الحرب على أم كلثوم عندما رشحت نفسها لمنصب نقيب الموسيقيين، وقال: "لن نسمح لامرأة بأن تدير شؤون الرجال"، لكن كوكب الشرق فازت بالفعل وجلست على كرسي النقيب 7 سنوات وبعدها خاض عبدالوهاب التجربة وفاز بالمنصب.

كان يرى أن الموجي والطويل وبليغ، ملحنون على درجة كبيرة من الموهبة، لكنه وصف الأخير بأنه ملحن يأتيه الإلهام من السماء ولا يتعب في الجملة الموسيقية ولو تعب وكلف خاطره لقدم إبداعًا مختلفًا.

استطاع عبدالوهاب أن يتلاءم مع تغيرات العصر فقدم القصيدة و"الطقطوقة" و"المونولوج" والأغنية الخفيفة، ومنحه الجمهور والنقاد لقب موسيقار الأجيال، إذ كان يخاف مرور الزمن وكان يخشى المرض ولا يبوح بسره لأحد، وفي 4 أيار/ مايو عام 1991، ترك عالمنا ورحل عن الحياة.