ثقافة البطاطا عند الشعوب

ثقافة البطاطا عند الشعوب

تعد نبتة البطاطا أو البطاطس من أكثر النباتات انتشارا في العالم، كما أنها النبتة الأكثر تناولا أيضا، والبطاطا رغم ذلك نبتة مشوهة السمعة، إذ أن العديد من الناس يعتقد بأضرارها أكثر من منافعها ولكن الحقيقة أن البطاطا مادة ذات ميزات ومنافع عديدة جدا.

فهي نبتة سهلة الهضم، وتعتبر من النباتات المضادة للسرطان، وبالرغم من أنها تحتوي على سكريات عالية إلا أنها سكريات بطيئة الاحتراق، أي أنها تزود الجسم بالطاقة اللازمة له، كما أن تناول البطاطا بقشرها، بحسب الكثيرين، يوفر نسبة عالية من الكالسيون والفوسفور والحديد، إضافة إلى أهمية قشرتها للبشرة ومكافحة انتفاخات العين.

وللنساء خاصة عداوة مع البطاطا المحببة، إذ أنهن يلمنها بكونها نبتة ذات سعرات حرارية عالية ومسؤولة عن السمنة، والحقيقة أن البطاطا كنبتة مسلوقة خالية تماما من أي سعرات قد تسبب زيادة في الوزن، إلا إذا تم قليها بالزيت أو إضافة طحين أو زبدة إليها.

تاريخ البطاطا

ظهرت هذه النبتة لأول مرة في أمريكا الجنوبية. ويقال إنه تم اكتشافها بالصدفة إذ أنه أثناء احتلال الإسبان لأمريكا الجنوبية وأثناء سعيهم لاكتشاف الذهب، ضلوا طريقهم وقد هدّهم الجوع، فهاجموا القرى واستولوا على هذه النبتة، التي أثارت إعجابهم، ونقلوها إلى أوربا منتصف القرن السادس عشر.

ويعتقد معظم المشتغلين والمهتمين بالبطاطا أنها ظهرت من أنواع نباتية زرعت فيبوليفيا وتشيلي وبيرو. وقد قام الهنود الموجودون في تلك البلاد منذ أكثر من 400 عام بزراعتها في أودية جبال الأنديز، ومن هذه البطاطا صنع الهنود من قبائل الإنكا مادة دقيقة خفيفة تُسمى "شونو"، واستخدموا هذه المادة بدلاً من القمح في عمل الخبز.

وربما تكون البطاطا قد انتقلت إلى أمريكا الشمالية في بداية القرن السابع عشر الميلادي. ولكنها لم تصبح محصولاً غذائيا مهمًّا حتى أحضرها المهاجرون الأيرلنديون معهم حين استقروا في نيو هامشاير عام 1719.

ومن طرائف البطاطا أنها استخدمت للزينة، حيث قامت الملكة ماري أنطوانيت بتزيين شعرها بدرناتها.

وتعتبر الصين الأولى في إنتاج البطاطا، إذ أنها تزرع ما يقارب ثلث منتوج البطاطا في العالم، ومؤخرا، دعت الصين لتحويل البطاطا إلى طبق رئيسي على موائدها بسبب أزمة نقص المياه التي تواجهها، وذلك لأن هذه النبتة، لا تحتاج إلى الكثير من الماء، في حين أنها تمثل غذاء من الدرجة الأولى، لتغدو البطاطا نبتة موجودة بفعالية عند كافة طبقات المجتمع.

كما أن الروس يشتهرون كونهم الشعب الأكثر تناولا للبطاطا على موائدهم.

البطاطا الفقيرة

ارتبطت البطاطا في ذهن الشعوب بأنها نبتة للفقراء، إذ أنها محصول قادر على التواجد في أي بيئة عدا أن رخص سعرها واحتوائها على نسبة عالية من النشويات كبديل للخبز والقمح وغيره ساهم باعتماد الفقراء بشكل كبير عليها.

وصارت البطاطا مضرب مثل للفقر، واشتهرت بالمثل الشعبي القائل (من يضع في قدره بطاطا "أو بطاطس" لا يمكن أن يغرف لحماً) كدلالة على الفقر.

كما أن المطربة اللبنانية صباح، وصفت حياة البساطة والفقر بالبطاطا، بأغنيتها الشهيرة:

(عالبساطة البساطة يا عيني عالبساطة (..)، تغديني جبنة وزيتونة وتعشيني بطاطا).

وتمثل البطاطا جزءا رئيسيا في نظام الغذاء العالمي، وتعد السلعة الرابعة على مستوى العالم في الأهمية. لذلك اعتبرت لجنة للأمم المتحدة عام 2008 عاما للبطاطا، إنصافا وإكراما لهذه النبتة.

ولكن تقريرا في السنوات الأخيرة للجنة الأمم المتحدة بشأن الأمن الغذائي العالمي دق ناقوس الخطر بشأن تأثير الاحتباس الحراري، وهو أن العالم قد يضطر إلى وقف الاعتماد على البطاطا في الغذاء واللجوء إلى الموز بدلاً عنها.

ومع ذلك، تظل هذه النبتة الأشهر في ثقافة شعوب العالم، ومحببة لدى جميع الأذواق خاصة الأطفال، إذ يندر الأشخاص الذين لا يرغبون بتذوق البطاطا أو لا يحبونها. بل إنها صارت المكون الرئيسي في تحضير الرقائق المقرمشة "الشبس".

وميزة هذه النبتة سهولة التفنن بطهوها بمختلف الطرق الشهية واللذيذة. كالقلي والشوي والسلق والحشو، عدا أنها متجانسة مع مختلف النباتات والخضراوات واللحوم.

ولم تتوقف البطاطا عن كونها مجرد غذاء، بل صارت مادة فنية قادرة على تشكيل مختلف أنواع الفنون.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com