سوريا تزيد احتياطياتها من الدولار رغم الأزمة
سوريا تزيد احتياطياتها من الدولار رغم الأزمةسوريا تزيد احتياطياتها من الدولار رغم الأزمة

سوريا تزيد احتياطياتها من الدولار رغم الأزمة

بيروت - قال مصرفيون ومتعاملون إن البنك المركزي السوري اشترى مئات الملايين من الدولارات من السوق المحلية للعملة التي يحكم الآن السيطرة عليها وهو ما يساعده في بناء احتياطيات لتعويض ما استنزف منها بسبب الحرب الأهلية التي أصابت اقتصاد البلاد بالشلل.



وبعد إلقاء القبض على العشرات من تجار العملة في حملة على السوق السوداء قامت دمشق بتلك المشتريات دون أن يتسبب ذلك في خفض جديد لقيمة الليرة السورية فيما يرجع جزئيا إلى دولارات ضخها أعداء الرئيس السوري بشار الأسد في مناطق تحت سيطرة المعارضة المسلحة.

وساعد الاستقرار النسبي لليرة السلطات على تفادي قفزة أخرى للتضخم قد تقوض الدعم في المناطق التي تحت سيطرتها وتخفيف الضغوط الاقتصادية على الحكومة قبل حضور محادثات مقررة في سويسرا الأسبوع القادم لبحث حل سياسي للحرب.

وقال مصرفي ببنك خاص محلي على دراية بأفكار البنك المركزي "في الأشهر الثلاثة الماضية كانت مشتريات البنك المركزي من الدولارات أكبر من المبيعات."

وقدر المصدر إن البنك المركزي اشترى الدولارات بمعدل تراوح من 5 ملايين إلي 10 ملايين دولار يوميا.

وقال مصرفيان مطلعان إن البنك المركزي جمع 600 مليون دولار على الأقل من خلال بيع العملة المحلية منذ الصيف ومع هذا فان الليرة تراجعت بشكل محدود إلى 159 مقابل الدولار من 140 .

وفي الصيف الماضي هبطت الليرة إلى 335 مقابل الدولار مع تهديد الغرب بضربات جوية تراجع عنها مقارنة مع 47 قبل تفجر الاحتجاجات ضد الأسد في آذار/ مارس 2011 .

ويقول مصرفيون إن البنك المركزي اكتسب أيضا خبرة تمكنه من تحقيق أرباح من تدخلاته مرسلا رسالة إلى اللاعبين الآخرين بأنه القائد للسوق.

وتسبب الصراع المستمر منذ حوالي ثلاث سنوات في خسائر بمليارات الدولارات مما أدى إلي إلحاق أضرار بالزراعة وتدمير الصناعة وفقدان إيرادات العملة الأجنبية للسياحة وتصدير النفط.

ويقدر خبراء اقتصاديون احتياطيات النقد الأجنبي لدى سوريا قبل الأزمة بما يتراوح بين 16 مليار إلي 18 مليار دولار. ولم ينشر البنك المركزي أي أرقام حديثة لكن تقريره لعام 2011 أظهر انهيار تلك الاحتياطيات بحوالي الثلث بنهاية ذلك العام.

ويقول مصرفيون إن إحدى مفارقات الحرب إن الليرة تلقى دعما من 100 مليون إلي 200 مليون دولار تتدفق إلي المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة في شمال سوريا، ومعظم تلك الأموال هي تمويل خاص وحكومي للمعارضين المسلحين يأتي من منطقة الخليج ويجد طريقه من خلال التجارة المحلية إلي أقبية البنك المركزي.

وقال احدهم "الدولارات التي يجري تغييرها إلى الليرة تنساب عائدة إلى شرايين الاقتصاد. هي تتحرك في الدورة الاقتصادية وتصل في نهاية المطاف إلى البنك المركزي."

وقال مصرفيون إن الناس في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة عادوا إلى استخدام العملة المحلية على الرغم من توقعات مبدئية بانهيارها وهذا أثار طلبا على الليرة.

وقال مصرفي "كان هناك خطر بأن الناس سيبدأون استخدام الدولار وترك الليرة لكن الناس الآن فقدوا الثقة في أن الليرة ستنهار."

ويقول متعاملون ان شركات محلية مرتبطة بشكل وثيق بالسلطات تقوم الان بمعظم الصفقات المرخصة للعملة بعد ان اودع السجن عشرات من تجار العملة اللذين القي عليهم بالمسؤولية في مضاربات شديدة للعملة وهو ما يعطي دمشق قوة أكبر.

وقال تاجر عملة اعتقل لبعض الوقت اثناء الحملة على تجار العملة في السوق السوداء ويعمل الان في طي الكتمان في حي ابو رمانة بدمشق "السيطرة على الطلب والعرض اصبحت كاملة."

وقال مصرفي سوري اخر "يوجد قدر اكبر كثيرا من السيطرة والاشراف... هم (السلطات) قلصوا نشاط السوق السوداء الي حد كبير."

وساعد تراجع حاجات التمويل للواردات مع تداعي التجارة الدولية لسوريا على تقليل الطلب على الدولارات.

ويقول مصرفيون ورجال اعمال ان السلطات أنهت منذ وقت طويل مشروعا لتمويل الاستيراد كان يتيح للمستوردين السوريين الحصول على دولارات رخيصة لشراء السلع الصناعية.

ويقول رجال اعمال ان السلطات الان تعرض سعر تفضيلا للدولار على عدد قليل فقط من رجال الاعمال الذين يستوردون السلع الغذائية الاساسية وان معظم الواردات الغذائية التجارية التي تأتي الي سوريايمولها القطاع الخاص.

وسيساعد انهاء تجميد بعض الاموال الحكومية في حسابات مصرفية اوروبية للسماح بمشتريات غذائية انسانية في مزيد من تقليص الحاجة الي الدولارات مستقبلا.

وقال مصرفيون ان استقرار العملة اصبح فعليا مؤشر الثقة الاقتصادية لسوريا ودلالة على قدرة الحكومة على تخفيف اثار الحرب والعقوبات الغربية.

وقال رجال اعمال "انه يسهل التجارة والنشاط الصناعي. عندما يتجه الدولار للانخفاض فإن التجار يتوقفون عن البيع."

وساعد مثل هذا الاستقرار في كبح الضغوط التي أدت الي زيادات وصلت الي 50 بالمئة في اسعار السلع الاستهلاكية الاساسية العام الماضي. وجانب رئيسي للسياسة الاقتصادية للسلطات لتفادي سخط اوسع في المناطق التي تحت سيطرتها هو محاولة تقييد الزيادات في اسعار السلع الاساسية.

وبينما تستعد الحكومة لارسال وفد الي المحادثات في سويسرا الاسبوع القادم فانها لا تواجه ضغوطا تذكر لتقديم تنازلات الي قوات المعارضة المنقسمة على نفسها والي معارضة سياسية ضعيفة.

ويقول مصرفيون ان نجاح البنك المركزي في تحقيق استقرار الليرة لا يبدو انه يتعرض للتهديد في المستقبل القريب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com