ماهي العقبات السياسية التي تقوض مساعي تركيا لجذب السياح الإيرانيين؟
ماهي العقبات السياسية التي تقوض مساعي تركيا لجذب السياح الإيرانيين؟ماهي العقبات السياسية التي تقوض مساعي تركيا لجذب السياح الإيرانيين؟

ماهي العقبات السياسية التي تقوض مساعي تركيا لجذب السياح الإيرانيين؟

تسعى تركيا لإنقاذ قطاعها السياحي الذي تأثر كثيرًا بجملة من التطورات السياسية والاقليمية التي حدثت مؤخرًا، وخاصة خلال الفترة التي أعقبت المحاولة الانقلابية، ثم حادثة اغتيال السفير الروسي مرورًا بهجوم اسطنبول، ومن ضمن جهود أنقرة لذلك استقطاب وجذب المزيد من السياح الإيرانيين.

فخلال محاولة الانقلاب العسكري التي شهدتها تركيا في الـ 15 من يوليو عام 2016 شهدت عاصمتان حالة تأهب قصوى، وهما موسكو وطهران، وبعدما استقرت الأوضاع بادر الرئيسان فلاديمير بوتين وحسن روحاني إلى مهاتفة نظيرهما رجب طيب أردوغان ليصبحا أول رئيسين يعبران عن مباركتهما لفشل الانقلاب وتأييدهما لنظام أنقرة.

وقد رفع دعم طهران من آمال تركيا لتوسيع العلاقات الاقتصادية التي ازدادت بالفعل منذ الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العظمى العالمية وما تلاه من رفع للعقوبات.

وأعرب رجال الأعمال الأتراك عن شعورهم بالسعادة إزاء احتمالات وجود فرص جديدة لهم في إيران، وسط توقعات بزيادة حجم الاستثمارات بين البلدين، وذلك وفقًا لما ذكرته صحيفة المونيتور.

وفيما يخص قطاع السياحة التركي فقد ارتفعت الآمال أيضًا، ففي العام 2010 قام 1.9 مليون سائح إيراني بزيارة تركيا والآن ومع رفع العقوبات عن إيران، يُتوقّع أن يزداد هذا العدد بشكل كبير.

وأدت مراجعة تركيا لسياستها تجاه سوريا واقترابها من وجهة النظر الروسية والإيرانية إلى إضافة أرضية مشتركة يمكنها تحسين العلاقات بين البلدين.

وفي فبراير الماضي، قام أردوغان خلال جولته الخليجية التي شملت السعودية وقطر والبحرين بانتقاد إيران لدعمها الطائفية الشيعية والقومية الفارسية في المنطقة، لترد طهران بدورها بشكل عملي، حيث قامت بإلغاء منتدى الأعمال التركي الإيراني والذي كان من المقرر تنظيمه في 25 فبراير في طهران، وكان من المتوقع أن يتم توقيع عقود استثمارات وصادرات تبلغ قيمتها 15 مليار دولار على الأقل خلال المنتدى، بالإضافة إلى خطط افتتاح مركز التجارة التركي في طهران والذي يشكّل العمود الفقري لاستراتيجية التجارة الخارجية التركية الجديدة.

وقد أدت هذه الخلافات إلى تعكير صفو رجال الأعمال الأتراك المشتغلين بقطاع السياحة، وذلك بعد أن عادوا بمعنويات مرتفعة من معرض طهران الدولي للسياحة قبل أسبوعين فقط من حدوث الأزمة.

وعلّق الأتراك آمالًا كبيرة على أن تساعدهم زيادة أعداد السائحين الإيرانيين في إحياء القطاع الذي أصابه الركود، بعد أزمة إسقاط الطائرة الحربية الروسية في العام 2015 ثم محاولة الانقلاب العسكري، وأدت كل هذه التطورات لفقدان ملايين السياح ولاسيما الروس وانخفاض إيرادات قطاع السياحة التركي بمقدار 10 مليار دولار في العام 2016.

ووفقًا لتقارير تقديرات السوق الإيرانية، فقد كان من المقرر أن يرتفع عدد السياح الإيرانيين من 1.7 مليون سائح في عام 2016 إلى 2 مليون سائح في العام 2017.

ووفقًا للأرقام انخفض تدفق السياح الإيرانيين في العام 2016 في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشل، وذلك نظرًا لمخاوف طهران الأمنية التي أدت إلى إلغاء الرحلات السياحية إلى تركيا ومنع شركات السياحة من تنظيم رحلات إلى تركيا ونتيجة لذلك انخفض عدد السياح الإيرانيين في تركيا بنسبة 2.07% عن العام 2015.

وبشكل عام يُفضّل السياح الإيرانيون إسطنبول للتسوق ومشاهدة المعالم السياحية وزيارة أنطاليا في البحر المتوسط للاستجمام.

 وخلال السنوات الأخيرة نظمت الخطوط الجوية التركية رحلات مباشرة من إيران إلى المنتجعات الساحلية الشهيرة الأخرى في تركيا مثل ألانيا وبودروم ومرمريس، وبعيدا عن طهران شملت نقاط المغادرة لتلك الرحلات المباشرة مدنا إيرانية أخرى مثل تبريز ومشهد وشيراز وكيرمانشاه.

وفي كل عام يسافر ما يقرب من 8 ملايين إيراني خارج البلاد، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد بشكل كبير خلال الفترة المقبلة. والجدير بالذكر أن الإيرانيين يفضّلون زيارة دبي وماليزيا وتركيا عن باقي مدن ودول العالم.

انتقادات تركية

وصاحبت انتقاد أردوغان لإيران تصريحات مماثلة من وزير الخارجية التركي، أدت هي الأخرى إلى زيادة التوتّرات بين البلدين في الوقت الذي كان يأمل فيه قطاع السياحة التركي بإنهاء طهران لحظرها على الرحلات الجوية السياحية.

وفي الـ12 من مارس، قال القنصل العام الإيراني في إسطنبول، إن تركيا ليست آمنة ليسافر إليها الإيرانيون، قبل أن تحذر وزارة الخارجية في طهران رعاياها من السفر إلى تركيا مستشهدة بوجود مخاوف أمنية.

وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني في الـ13 من مارس الجاري، رد المسؤول الإيراني على سؤال حول سبب تحذير إيران مواطنيها من السفر إلى تركيا، بينما لم تصدر تحذيرًا مماثلًا عن السفر للعراق التي تحدث فيها هجمات بشكل يومي، قائلًا:"إن الإيرانيين يسافرون بشكل رئيس إلى مدينتي النجف وكربلاء في العراق واللتان وصفتهما وسائل الإعلام التركية بأنهما مدينتان آمنتان وخاليتان من الإرهاب.

وفي تصريحات أخرى حول العلاقات الثنائية، اتهم لاريجاني تركيا بأن مواقفها وتصريحاتها حول بعض القضايا: "لا تتناسب مع علاقات الجوار".

وجاءت تحذيرات السفر الإيرانية قبل عيد النيروز، الذي يتم الاحتفال فيه بالسنة الإيرانية الجديدة والعديد من الإيرانيين يسافرون إلى تركيا للاحتفال بهذا العيد.

تحذيرات.. وتوترات

وعلى الرغم من التحذيرات توافد آلاف الإيرانيين إلى المدن الحدودية التركية وخاصة مدينة فان التركية، حيث كانت تجري تجهيزات استقبالهم على قدم وساق في ظل تسهيلات جمركية قامت بها السلطات التركية لاستقبالهم، إضافة إلى تقديم الشركات في جميع أنحاء المدينة خصومات تصل إلى 50% لجذب المتسوقين الإيرانيين.

وعلى الرغم من هذه التطورات الجيّدة بالنسبة للبلدين إلا أن التوقعات السلبية مازالت تخيم على قطاع السياحة التركي، حيث اندلعت التوترات السياسية أيضا مع أوروبا وخاصة هولندا وألمانيا على خلفية إصرار الوزراء الأتراك على تنظيم حملات في المدن الأوروبية تستهدف مجتمعات المهاجرين الأتراك هناك قبل إجراء استفتاء شعبي حول بعض التغييرات الدستورية الشهر القادم وتزامنت هذه الأزمة في أوروبا مع دعوة طهران لمواطنيها بتجنب زيارة تركيا ما أثار مخاوف من حدوث تداعيات اقتصادية جديدة.

وعاد رجال الأعمال الأتراك المشتغلين بالسياحة خائبي الأمل بعد حضورهم معرض برلين السياحي في وقت سابق من هذا الشهر، مشيرين إلى أن الاهتمام الأوروبي بالأعياد التركية قد انخفض بشكل حاد وتحول هذا الاهتمام بدلًا من ذلك إلى إسبانيا واليونان.

وبعد كل هذه المستجدات، أصبح السياح الإيرانيون أكثر أهمية في الجهود المبذولة لدعم هذا القطاع بالإضافة إلى الآمال المعلّقة على عودة السياح الروس بعد تحسّن العلاقات بعض الشيء عقب اعتذار أردوغان عن حادثة الطائرة بيد أن التوترات مع طهران تشير إلى أن هدف المليوني سائح المراد تحقيقه قد يتعرّض للخطر أيضًا.

ويشير حدث وقع مؤخرًا إلى احتمالية زيادة التوتر مع إيران، حيث قام 50 زعيمًا قبليا سوريًا بدعم من أنقرة بعقد اجتماع في جنوب مدينة سانليورفا التركية وأعلنوا فيه عن خططهم لإنشاء جيش قبائل الجزيرة والفرات لمحاربة روسيا وإيران وحزب الله وحزب الاتحاد الديموقراطي الكردستاني و"داعش" في سوريا، وذلك بحسب ما ذكرته صحيفة حريّت التركية.

وتعمل تلك القوات القبلية تحت قيادة الجيش السوري الحر، الذي يضم مجموعة من الفصائل المدرّبة والمجهزة من قبل الجيش التركي.

ولذلك تعمل تركيا مع روسيا وإيران لحل الأزمة السورية من جهة ومن جهة أخرى تستضيف مبادرة لقوة مسلّحة تعتزم محاربة روسيا وإيران، ومن الممكن أن تمتد هذه التوترات الجديدة لتتجاوز المجال السياسي والعسكري وتلحق مزيدًا من الضرر بقطاعي التجارة والسياحة في البلدين.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com