مدن أوروبية تتنافس على تقاسم كعكة القطاع المالي البريطاني 
مدن أوروبية تتنافس على تقاسم كعكة القطاع المالي البريطاني مدن أوروبية تتنافس على تقاسم كعكة القطاع المالي البريطاني 

مدن أوروبية تتنافس على تقاسم كعكة القطاع المالي البريطاني 

تتسابق المدن الأوروبية على استقبال الأفرع الأوروبية للبنوك والشركات العالمية التي تتخذ من بريطانيا مركزا لها، في وقت يبدأ فيه الحديث عن بدء مرحلة المفاوضات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار المقبل.

فعلى مدار السنوات الماضية اتخذت العديد من الشركات، وعلى رأسها البنوك العالمية، بريطانيا مركزًا لها، في إدارة أعمالها بدول الاتحاد، استنادا لـ"حقوق جواز السفر" الذي يتيح للشركات الأوروبية العمل في كل دول الاتحاد، فيما يعد خروج بريطانيا من الأسرة الأوروبية إيذانا بانتهاء هذا الحق، ومن غير المضمون للشركات أن تتمكن بريطانيا من استبدال هذا الحق بقانون آخر في فترة مفاوضاتها مع دول الاتحاد الأوروبي.

ويتوقع أن تُفعّل الحكومة البريطانية في مارس/آذار المقبل المادة 50 من معاهدة لشبونة، الخاصة بمفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، ليبدأ بشكل رسمي خروجها من الاتحاد؛ ما يشكل مصدر خوف للبنوك والشركات في بريطانيا، من منع وصولها لعملائها في الدول الأوروبية.

ومن بين المراكز المالية التي تتنافس على استقبال البنوك، باريس وفرانكفورت ومدريد ودبلن عاصمة إيرلندا، ومالطا، ولوكسمبورغ.

وفي مؤتمر "دافوس" الاقتصادي الشهر الماضي في سويسرا، صرح ستوارد كوليفر، مسؤول رفيع في بنك " إتش إس بس سي" أكبر البنوك البريطانية، عن نيتهم نقل عملياتهم المصرفية الأوروبية من لندن إلى باريس، ويشمل نقل ألف موظف، خلال العامين المقبلين.

أما رئيس بنك "يو بي إس" السويسري، أكسل فيبر، فأشار الشهر الماضي أيضا في تصريحات صحفية، أنَّ ألف موظف من أصل خمسة آلاف من موظفي البنك، سيتأثرون من خروج بريطانيا من الاتحاد، مشيرا إلى نقل الألف موظف إلى مدينة أوروبية أخرى لم يسمها. وفي هذا الصدد ذكرت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، أنَّ البنك السويسري يعتزم نقل فرعه الأوروبي من لندن إلى العاصمة الإسبانية مدريد.

وأوردت صحيفة "هاندلسبلات" الألمانية في خبر لها، أنَّ بنك غولدمان ساكس الأمريكي، سيخفض عدد موظفيه في بريطانيا إلى النصف، وسينقل ألف موظف إلى مدينة فرانكفورت الألمانية، إلا أنه لم تصدر أي تصريحات قطعية من البنك في هذا الصدد.

فيما ذكرت وسائل إعلام بريطانية أنَّ بنك مورغان ستانلي الاستثماري (مركزه أمريكا)، سينقل ألفين من موظفيه في بريطانيا إلى كل من العاصمة الأيرلندية دبلن ومدينة فرانكفورت الألمانية.

أما بنك "جي بي مورغان تشيس" الأمريكي، فأشار جيمي ديمون، أحد مديريه، إلى أن 4 آلاف موظف من أصل 16 ألف موظف لها في بريطانيا سيتم نقلهم إلى مدينة أوروبية أخرى.

وتسعى البنوك العالمية في بريطانيا وبالأخص في المركز المالي المعروف في لندن "حي السيتي" المحافظة على سوية تعاملاتها مع عملائها في الدول الأوروبية. وتحاول رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي إلى جانب وزير ماليتها فيليب هاموند، طمأنة البنوك، والاعتماد على بريطانيا في المحادثات مع دول الاتحاد الأوروبي.

تقلبات تجارية

ولابد من الإشارة إلى أنَّ العديد من المسؤولين في المراكز المالية الأوروبية ركبوا طائراتهم الخاصة بعد يوم واحد من الاستفتاء على خروج بريطانيا، وتوجهوا إلى "كناري وارف" أشهر مراكز المال والأعمال في لندن، من أجل دعوتهم.

وفي هذا القبيل أيضا أرسلت وكالة التنمية الخارجية الأيرلندية رسائل بريدية للآلاف المستثمرين عقب أيام قليلة من الاستفتاء في بريطانيا، من أجل تقديم مساعداتها، أما المركز المالي في فرانكفورت الألمانية (Frankfurt Main Finance) فخصص هاتفا خاصا، للمستثمرين الراغبين في مغادرة بريطانيا، ونشر المركز في موقعه على الإنترنت بحثا أعدته مجموعة بوسطن الاستشارية حول الأمور الإدارية، (مركزها مدينة بوسطن الأمريكية) خلصت خلاله إلى أن فرانكفورت "تعد الوجهة الفضلى للمؤسسات المالية الراغبة بمغادرة بريطانيا" وذكرت في البحث أنَّ "فرانكفورت تفتح ذراعيها للمؤسسات التي تبحث عن منزل".

أما مدينة باريس فتستعد لبناء سبع ناطحات سحاب من أجل استقبال المؤسسات المالية والتمويلية الراغبة بمغادرة بريطانيا. ومن المنتظر أن ينتهي مشروع المركز المالي في غرب العاصمة عام 2021، ويبلغ إجمالي مساحة الأبنية مساحة خمسين ملعب كرة قدم.

وأعرب إمانويل ماكرون وزير الاقتصاد الفرنسي السابق المرشح لخوض الانتخابات الرئاسية، في تصريحات له عقب لقائه تيريزا ماي، عن امتنانه من رؤية الأكاديميين والباحثين يأتون من بريطانيا إلى فرنسا بسبب خروجها المرتقب من الاتحاد،. وقال إن استقطاب هؤلاء الأشخاص إلى جانب البنوك والأشخاص الأكْفاء سيكون جزءًا من برنامجه الانتخابي.

وفي هذا الصدد قال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، الثلاثاء الماضي، إن "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يكون أمراً سهلاً، وستكون فاتورته باهظة، وعلى البريطانيين الوفاء بالتزاماتهم التي تعهدوا بها عند تأسيس الاتحاد".

وأضاف يونكر خلال كلمة في البرلمان البلجيكي: "حتى بعد الخروج من الاتحاد، سيتطلب إبرام اتفاقية تجارية جديدة لأعوام طويلة، وبالتأكيد ستكون فاتورة ذلك أيضاً كبيرة".

وأوضح رئيس المفوضية الأوروبية، أنه من المتوقع أن تستمر مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد "بريكسيت"، قرابة العامين، أما مفاوضات ما بعد الخروج فستتطلب وقتاً أطول (دون تحديد مدة).

وبحسب خبر نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، الثلاثاء، فإن انفصال بريطانيا عن الاتحاد دون توقيع اتفاقية بديلة معه، ستفرض جمارك إضافية بقيمة 7.57 مليار دولار على صادرات بريطانيا للاتحاد الأوروبي، التي تبلغ قيمتها الإجمالية حوالي 204 مليارات دولار سنوياً.

ويشكل قطاع المال 12% من حجم الاقتصاد البريطاني، ويبلغ عدد العاملين في القطاع المالي مليونين و200 ألف شخص، 700 ألف منهم في العاصمة لندن، بحسب معطيات مجلس العموم البريطاني، لعام 2014.

ويساهم قطاع المال والتأمين في اقتصاد بريطانيا بحوالي 126 مليارا و900 مليون جنيه إسترليني.

وبلغت عائدات الحكومة البريطانية في 2013-2014 من الضرائب المفروضة على البنوك 21 مليارًا و400 ألف جنيه إسترليني.

وفي الـ 23 من يونيو/ حزيران 2016، أظهرت النتائج النهائية لفرز أصوات الناخبين البريطانيين حول عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي، أن 52% منهم صوتوا لصالح الخروج من الاتحاد.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com