غل.. بين لعبة الوفاء والكراسي
غل.. بين لعبة الوفاء والكراسيغل.. بين لعبة الوفاء والكراسي

غل.. بين لعبة الوفاء والكراسي

كمثل هدوئه غادر عبد الله غل قصر الرئاسة ليعيش كما قال : حياة رئيس سابق للبلاد .

لم يبد أي طموح باستئناف الحياة السياسية إلا من خلال حزب العدالة والتنمية الذي أسسه مع شريكه رجب طيب أردوغان عام 2002 ، وحصر نشاطه المستقبلي في خدمة مشروع تركيا الجديدة والحفاظ على النهضة الكبيرة التي شهدتها البلاد خلال السنوات العشر الماضية .

خيّب غل جميع المراهنين على نشوب نزاع حول السلطة منذ أن ذاع خبر ترشح أردوغان إلى منصب رئاسة الجمهورية ، وافترض البعض أن رفض عبدالله غول التنازل عن حقه في الترشيح للمرة الثانية سوف يخلق أزمة سياسية على صعيد حزب العدالة والتنمية، وعلى صعيد صورة تركيا في الخارج أيضاً، وبالأخص أن غل أبدى مواقف مختلفة عن أردوغان حول أحداث حديقة جيزي وتهم الفساد في السابع عشر من ديسمبر 2013 وغيرها من القضايا ،وكذلك تباين المواقف بين الرجلين من سقوط حكم الإخوان في مصر .

يتبادر للذهن فورا بأن ماحصل في تركيا هو استمرار للعبة والوفاء والكراسي، فمن المعروف أن عبد الله غل كان أول رئيس وزراء لتركيا عن حزب العدالة والتنمية عام 2002 عندما اجتاح الحزب الانتخابات بصورة غير مسبوقة، وما إن انتهى مفعول الحكم القضائي الذي يمنع أردوغان من الترشح لأي منصب سياسي، حتى سارع غل بالتنازل لصالح شريكه واكتفى بحقيبة وزير الخارجية حتى عام 2007 .

ليفاجئ أردوغان أعضاء العدالة والتمية بترشيح غل لمنصب رئاسة الجمهورية ، ليحصل ذلك فعلا بعد ثلاث دورات انتخابية في البرلمان حقق الرجل في آخرها نصاب الثلثين المطلوب .

لم يتكرر الأمر هذا العام . فأردوغان استنفذ الدورات الثلاث المتتالية في رئاسة الحكومة ، وليس أمامه سوى القصر الرئاسي ، الذي قد يخوله البقاء في المشهد السياسي حتى الاعتزال، والمطلوب من غل مجددا أن يفسح الطريق لشريكه . ولكن هذه المرة دون اي مقابل .

يوحي المشهد بأن عبد الله غل كان طوال السنوات الماضية بمثابة اللافتة المكتوب عليها ( محجوز ) والتي يضعها أردوغان حيث يريد الجلوس مستقبلا ، بينما يعمل بتهيئة الأمور ليكون المنصب على مقاسه وذات صلاحيات سلطوية .

ولكن غل هذه المرة لم يكن سعيدا بالتغييرات والتعديلات التي سعى أردوغان لاستحداثها ، وهاجم ذلك بشكل واضح عندما قال في كلمته الوداعية «لقد ركزت خلال رئاستي على أهمية فصل السلطات وعلى وضع نظام لمراقبة ديمقراطيتنا وعلى رئيس الدولة أن يحرص بشدة للحفاظ على المتطلبات التي تجعل الدولة ديمقراطية وعلمانية واجتماعية».

رجب طيب أردوغان يدرك قوة وشعبية عبد الله غل في حزب العدالة والتنمية، وهو يعلم بأن ثمة أعضاء في الحزب لجأوا إليه لأنهم غير مرتاحين لخطوات أردوغان بتعديل الدستور لمنحه صلاحيات أوسع ، ولذلك سارع بعقد مؤتمر الحزب قبل يوم واحد من خروج غل من منصب الرئاسة ليحرمه من الحضور بحكم استقالته الإجبارية خلال العهد الرئاسي ، وبالتالي أسند منصب رئيس الوزراء إلى أحمد داود أوغلو الذي بقي يشاطره السياسة الخارجية والداخلية ويرسما ملامحها معا .

يرى الخبراء بأن القوة الكامنة للرئيس غل ، تخوله لقلب المعادلة في حزب العدالة والتنمية ، ولكن ذلك لن يحصل إلا بعد انتخابات عام 2015 التي تشكل اختبارا حقيقيا لمدى قوة أردوغان وقدرته على توسيع سلطته، كما يتوقع مراقبون مواجهات واسعة بين أردوغان وبقية الأحزاب المنزعجة من التحول السلطوي في البلاد وتهديد علمانيتها ، وعندها قد يعود عبد الله غل إلى الواجهة كشخصية توافقية تمتلك كل المفاتيح ويعمل بالأصالة وليس بالوكالة .

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com