مع عودة العنف الجامعي.. العرف العشائري بالأردن يقمع القانون ويقيد الدولة المدنية
مع عودة العنف الجامعي.. العرف العشائري بالأردن يقمع القانون ويقيد الدولة المدنيةمع عودة العنف الجامعي.. العرف العشائري بالأردن يقمع القانون ويقيد الدولة المدنية

مع عودة العنف الجامعي.. العرف العشائري بالأردن يقمع القانون ويقيد الدولة المدنية

انقضى أسبوع على مشاجرة طلابية جرت في الجامعة الأردنية، لكن لم تنته حتى الآن فصولها المتوترة وتداعياتها التي تتشابك فيها الأعراف العشائرية مع القوانين الجامعية والجزائية.

المشاجرات الطلابية التي شهدتها العديد من الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة خلال السنوات الماضية، واتخذت طابع "الفولكلور العنيف"، لم تكن لأسباب سياسية. ففي أغلب الأحيان تبدأ المشكلة صغيرة عرضية على شكل احتكاك فردي بين شابين، أو بشبهة التحرش بإحدى الفتيات، ثم لا تلبث أن تتدحرج سريعاً وتتوسع باستدعاء العصبيات العشائرية والجهوية.

.

وتتنوع أدوات الشجار لتصل حد استخدام الأسلحة الحفيفة، وأحيانا تتوسع الحادثة إلى خارج الحرم الجامعي، وتنتقل إلى جامعات أخرى، وتستنفر فيها الأجهزة الأمنية، بحيث تتداخل الإجراءات العقابية ما بين معالجة أمنية حسب قوانين الجزاء، أو معالجة أكاديمية حسب القوانين الجامعية، لكنها في كل الأحوال تبقى مرهونة بالصلحات العشائرية التي لها قوانينها المعروفة وغير المكتوبة ويستغرق أحيانًا تنفيذها بضع سنوات.

وما حصل في الجامعة الأردنية هذه المرة، هو أن رئيس الجامعة أعلن أن لا علاقة للجامعة بالصلح العشائري الذي جرى الأحد الماضي بين عشائر من محافظتين كان أبناؤهما اشتبكا في حرم الجامعة، فاستحقوا عليه عقوبات أكاديمية وأخرى جزائية تمثلت باعتقال 14 مشتبهًا به في المشاجرة التي أصيب فيها بعض الطلاب.

وقال رئيس الجامعة عزمي محافظة، إن "القانون والأنظمة والتعليمات ستطبق على من يثبت تورطهم بالأحداث، إن كانوا من الطلبة أو العاملين بالجامعة أو ممن اقتحموها من خارجها. وكان في ذلك يشير إلى الاشتباك الذي حصل الثلاثاء الماضي وتجدد الخميس بعد اقتحام ملثمين لحرم الجامعة، وهو ما تسبب بتعليق دوام ذلك اليوم.

الصلح العشائري الذي أعلن رئيس الجامعة أنه غير ملزم له، أخذ الشكل التقليدي بتوقيع ممثلي عشائر مدينتي السلط والطفيلة "صك صلح" يتضمن شرطاً بتسليم المطلوبين من الجانبين.

نقاشات نظرية عن الدولة المدنية

المفارقة الملفتة هي أن مشاجرة الجامعة الأردنية والفرز الجهوي والعشائري فيها، تتصادف زمنياً مع انشغال الإعلام الرسمي والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني بمناقشة ورقة ملكية تتوسع في مفاهيم وقواعد وضوابط "الدولة المدنية" التي يراد للأردن أن يكون نموذجاً فيها في الاحتكام لمبدأ المواطنة وما يتصل به من مرجعيات المساواة والعدالة والشفافية.

وحسب أكاديميين ونشطاء في المجتمع المدني ممن تداعوا خلال الأيام القليلة الماضية لتحليل مشاجرة الجامعة الأردنية وما إذا كانت تنذر بعودة موجة العنف الجامعي، فقد لفت النظر هذا التزامن بين الدعوة الملكية للدولة المدنية، وبين استمرار الاحتكام العام للقوانين العشائرية.

الجامعة الأردنية في بيانها الأول عن المشاجرة، ذكّرت بمضامين الورقة الملكية من الدولة المدنية التي ترمي إلى ترسيخ مبادئ سيادة القانون وتعزيز الحس الديمقراطي وصولاً الى الدولة المدنية المنشودة.

لكن بيانا صدر من وجهاء في مدينة السلط، جاء فيه: "أن رؤيتنا تنبثق من الإيمان بأن مظاهر العنف لا تقبلها ثقافتنا ووحدتنا الوطنية، وأن العشائرية هي مصدر قوتنا ووحدتنا الوطنية".

وحمّل البيان الحكومة جزءاً من المسؤولية عن أحداث العنف الجامعي، وذلك من خلال "غياب الدور الرسمي في بناء الروح والهوية الوطنية"، كما حمّل المسؤولية كاملة لما سمّاه "الإعلام الأصفر ودوره السلبي في إذكاء روح التفرقة والنزعات الجهوية".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com