وسائل الإعلام التركيّة قاومت الانقلاب لكنها لن تنال رضى الحكومة
وسائل الإعلام التركيّة قاومت الانقلاب لكنها لن تنال رضى الحكومةوسائل الإعلام التركيّة قاومت الانقلاب لكنها لن تنال رضى الحكومة

وسائل الإعلام التركيّة قاومت الانقلاب لكنها لن تنال رضى الحكومة

على الرغم من علاقة الخصومة بين عدد من وسائل الإعلام التركية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلا أنها قررت الوقوف إلى جانب الديمقراطية وإرادة الشعب ضد الانقلاب العسكري.

 مركز "دوغان " الإعلامي - عبارة عن تجمع ضخم يضم بعض وسائل الاعلام التركية الرئيسة- تعرّض لمداهمة من قبل الانقلابيين، فجر السبت، بعد هبوط طائرة عسكرية عامودية من طراز بلاك هوك في الحديقة المجاورة للمبنى.

بعد دقائق قليلة ، اقتحم 14 جنديًا المبنى يقودهم كادر صغير من الضباط، وتفرقوا في مجموعتين بهدف إحكام السيطرة على مختلف قنوات الأخبار ودور الصحافة بمن فيها صحيفة "حريات ديلي نيوز" و محطة  "سي أن أن تركيا " و "كنال دي".

و في خضم الاقتحام ، طالب الجنود بشيء واحد فقط  وهو التوقف عن البث و النشر و لم يتطرقوا لشيء آخر تقريبا. و لكن رغم ذلك استمرت كاميرات البث التلفزيوني بالعمل وذلك بعد ان استعمل طاقم غرفة الاخبار هواتفهم الذكية  وسارع المنتجون بوضع شريط اخباري عاجل على الهواء نصه " جنود يقتحمون استديوهات "سي أن أن تركي " .

وتقول صحيفة واشنطن بوست الامريكية "لو أن هدف مدبري الانقلاب كان اسكات مجموعة من محطات التلفاز و الصحف الاخبارية دفعة واحدة فإنهم بلا شك قد أخفقوا بشكل فظيع".

يعي بعض الصحفيين ما يجلبه عدم الاستقرار على مهنتهم بشكل خاص وعلى الدولة بشكل عام و لذلك بدت تلك الحادثة تفاهمًا مصلحيًا متبادلاً نادرًا ما يحدث بين أردوغان ووسائل الاعلام المستقلة حيث ظهرت بشكل درامي عندما سمح مدير غرفة القناة الاخبارية في "سي أن أن تركيا " في أنقرة  أن يبث الرئيس التركي عبر تطبيق "فيستايم " رسالة للشعب على خلفية الانقلاب الدائر وقتها.

مراد يتكين، رئيس تحرير صحيفة "حريات ديلي نيوز" كان متواجدًا في مكتبه عندما اقتحم الجنود المبنى فجر السبت مشهرين أسلحتهم صوب الصحفيين آمرينهم "بالتوقف عن العمل و الخروج".

خارج المبنى الاعلامي، لم يتمكن "يتكين"  من فهم ما يجري حيث خرجت الحشود المنددة بالانقلاب وبينها نفس الوجوه التي هاجمت غرفة الأخبار التي يديرها في الأحداث التي وقعت في شهرأيلول /سبتمبر من العام الماضي، حيث ألقوا عليها قنابل المولوتوف لنشره بعض التقارير عن أردوغان و حكومته.

يقول يتكين " لا يوجد سبب للتفاؤل حيال هذا الوضع، لكن ليس علينا اصلاح الوضع السيئ بطريقة تزيده سوءًا.  نواجه الكثير من المشاكل و لكن لا يعني هذا أن نساند الانقلاب العسكري".

لدى محطة "سي أن أن تركيا " و التي تعد جزءًا من مجموعة"دوغان"  الإعلامية ، تاريخ طويل من النزاع مع حكومة أردوغان.  ولكن الصحفيين قالوا إنهم وضعوا الخصومة جانبًا لحظة اقتحام الجنود المبنى .

ويعتقد رئيس تحرير محطة سي أن أن تركيا ، فيرحات بوراتف "أننا فعلنا الأمر الصحيح، لقد أمّنّا منبرًا للحكومة الشرعية في هذا البلد لتخاطب الشعب".

و أضاف أن السماح لأردوغان بدعوة الجماهير للنزول إلى الشوارع كان أمرًا "بالغ الخطورة" و لكنه كان عاملاً حاسمًا في وقف الانقلاب.

و تعد مجموعة دوغان الاعلامية جزءًا من تجمع تجاري يعرف بـ" دوغان القابضة" و التي لها تاريخ حافل من النزاعات و الخلافات مع حكومة أردوغان.

ففي العام 2009  تم تغريم التجمع التجاري بمبلغ 2.5 مليار دولار لعدم دفع الضرائب ولكن المتابعين قالوا إن الحكم القضائي كان انتقامًا لما قامت به المجموعة الاعلامية من تغطية لدعاوى الفساد ضد بعض أعضاء الحلقة المقربة من الرئيس أردوغان.

و في شهر حزيران /مايو من العام 2015 ، اتهم أردوغان " آيدن دوغان"  مالك المجموعة الاعلامية  بأنه " عاشق الانقلابات" ووصف الكتاب الصحفيين العاملين في المجموعة " بالنصابين" .

و مع ذلك، اصطف "دوغان " للدفاع عن أردوغان وانتقد محاولة الانقلاب  في بيان نشر في صحيفة "حريات ديلي نيوز" تحت عنون عريض " لندافع عن الديمقراطية يدًا بيد " .

وقال دوغان إن البلاد قد " نجت من كارثة محتملة و ذلك بتضامن الدولة و الشعب و السياسة والإعلام"

واسترسل في الحديث حول الشعب التركي أنه مهما يكن الانتماء السياسي مختلفًا إلا أنه من الضروري الدفاع عن الديمقراطية ويجب التعاون معًا كشعب واحد.

و من جانبه ، قال إيردم غول ، رئيس مكتب صحيفة "كام حريات " في أنقرة، إنه من غير المرجح أن يشكر "أردوغان" خصومه السابقين لما أبدوه  من دعم له أثناء الانقلاب و أن قمعه للانقلاب سيعني مزيدًا من القيود على حرية الاعلام .

و أضاف " تسيطر الحكومة على جزء كبير من وسائل الاعلام و أما بالنسبة لتلك التي لا تسيطر عليها فهي ترزح تحت التهديد بالحبس أو التعرض للتفتيشات. لهذه الأسباب التي أمامنا  توجد مخاوف حقيقية من ان تركيا الآن تتجه صوب الحكم السلطوي ".

وفي شهر مايو / حزيران، تم الحكم على "غول" بالسجن لمدة خمس سنوات وذلك بسبب تقرير نشره حول محاولة تركيا إرسال أسلحة للمقاتلين الإسلاميين في سوريا. و تم الحكم على زميله أيضًا " كان دوندار " بالعقوبة نفسها. هذا وقد تم تبرئة الصحفيان من تهمة التجسس و تجري جلسات الاستئناف حول الدعاوى الأخرى .

و أضاف "غول" أن ما يزيد على 30 صحفيًا يقبعون في السجون وأن لجنة الدفاع عن الصحفيين قد أعلنت أن الدولة التركية تعد أحد " أسوء السجّانين للصحفيين في العالم "

و قالت "نينا أوغنيانوفا" منسقة البرامج في لجنة الدفاع عن الصحفيين في أوروبا ووسط آسيا " في خضم النتائج الكارثية لمحاولة الانقلاب فإننا نحث الحكومة التركية بالسماح للصحفيين بنقل التقارير الإخبارية بحرية و استقلالية و أن تبذل أقصى جهودها لضمان أمن و سلامة كافة الصحفيين "

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com